غزة والتحالف الإقليمي الإسرائيلي العربي


تم النشر 22 فبراير 2017


عدد المشاهدات: 1387

أضيف بواسطة : أ.محمد علي


غزة - د.صالح النعامي

على الرغم من أن (إسرائيل) لم تعلق رسميا على نتائج الانتخابات الداخلية لحركة حماس، إلا أنه يمكن الافتراض أن هذه النتائج خضعت للدراسة والتمحيص من قبل محافل التقدير الاستراتيجي التابعة للجيش والمؤسسات الاستخبارية المختلفة.

وتنطلق (إسرائيل) من افتراض مفاده أن التركيبة الشخصية لقيادة حماس العليا تؤثر على مستقبل الاشتباك معها. ولا حاجة للقول إن استخلاصات القراءة الإسرائيلية لنتائج انتخابات حماس ستمثل مركبا من مركبات بيئة السلوك الذي تتخذه (تل أبيب) تجاه الحركة وقطاع غزة في المستقبل؛ وهذا ما يزيد من أهمية الإحاطة بها.

ونظرا لأننا لا نعرف على وجه الدقة ماهية هذه الاستخلاصات واتجاهاتها، فإنه يمكن في المقابل، الاستعانة بتقييمات وتقديرات النخب الأمنية وكبار المعلقين المرتبطين بالمؤسستين العسكرية والسياسية في تل أبيب، والذين عادة ما يكونون على إطلاع على أنماط التفكير السائدة في محافل التقدير الاستراتيجي التي تحتكر تقديم التوصيات المهنية لصناع القرار السياسي.

ومن الأهمية بمكان التأكيد هنا على أن الإشارة إلى اتجاهات التفكير الإسرائيلي بشأن نتائج الانتخابات الحمساوية الداخلية لا يعني بالضرورة أنها مصداقة وتعبر عن الواقع وتمثل قراءة صائبة لمستقبل سلوك الحركة. لكن الإحاطة بهذه الاتجاهات يساعد، في المقابل" على بناء تصورات قد تساعد على استشراف السلوك الصهيوني تجاه الحركة.

ومن خلال الاطلاع على عدد كبير من التقييمات والتقديرات التي كتبها جنرالات جيش وقادة استخبارات ومعلقون كبار حول نتائج الانتخابات، يمكن القول إنها اتفقت تقريبا على التالي:

أولا: قيادة حركة حماس في قطاع غزة هي من يملي طابع التوجهات إزاء (إسرائيل)، بحيث أن تل أبيب لا تحتاج أن تنتظر حتى يتم تشكل المكتب السياسي للحركة وانتخاب رئيس له حتى تتعرف على توجهات الحركة.

ثانيا: تجمع التقديرات الصهيونية على أن الانتخابات أفرزت قيادة " أكثر تطرفا"، حسب المقاييس الإسرائيلية، في الوقت ذاته، فإن مقاربات القيادة الجديدة مع المعادلات الإقليمية مغايرة للقيادة السابقة.

ثالثا: وعلى الرغم من الحديث عن تطرف القيادة الجديدة، فإن بعض القراءات الإسرائيلية ترجح أن تفضي التحديات الاقتصادية والمعيشية في قطاع غزة إلى اضفاء "مرونة وواقعية" على القيادة الجديدة.

بالطبع (إسرائيل) تتجاهل تأثير سلوكها وأنماط السياسات التي تتبناها قيادتها المتطرفة وما يمكن أن تسفر عنه من تأثير على اتجاهات القرار لدى الجانب الفلسطيني وضمنه حركة حماس. ويكفي هنا الإشارة إلى تصريح وزير الحرب أفيغدور ليبرمان الذي اشترط تخفيف الحصار وبناء الميناء بموافقة المقاومة على التخلص من سلاحها وإعادة الأسرى الصهاينة إلى (إسرائيل). فمن الواضح أن أية قيادة للمقاومة الفلسطينية لا يمكنها التعاطي مع مثل هذه الشروط.

يفترض أن هناك علاقة بين تصورات (إسرائيل) تجاه نتائج الانتخابات الداخلية في حماس وبين التحرك الأمريكي الإسرائيلي لبناء تحالف إقليمي، يخدم بشكل أساس الأهداف الصهيونية، وضمنها المتعلقة بالمواجهة مع المقاومة.

يتوجب على قيادة حماس الجديدة أن توضح، وبصوت مرتفع وقوي، للرأي العام العربي وحكومات المنطقة خطورة فكرة "التحالف الإقليمي" الذي يروج له الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، والذي يفترض أن يضم إلى جانب الكيان الصهيوني ما يسمح بـ "الدول العربية السنية المعتدلة".

صحيح أن الهدف المعلن لهذا التحالف هو مواجهة إيران، لكن هناك هدف آخر للتحالف لا تخجل (إسرائيل) من الإشارة إليه، وهو محاربة ما يسمونه "التنظيمات السنية الإرهابية". وحسب المنطق الصهيوني فإن هذه التنظيمات تضم أيضا حركة حماس.

يتوجب نزع الشرعية عن هذا التحالف، الذي لا يسمح لـ(إسرائيل) فقط بمواصلة جرائمها في غزة، بل يوفر الظروف لمضيها قدما في استباحة الضفة وتهويد القدس وإسدال الستار على القضية الفلسطينية.

حركة حماس مطالبة باستنفاد الطاقة الكامنة في تحركاتها الإقليمية بهدف محاولة تقليص قدرة الكيان الصهيوني على مواصلة التشبث بسياساته الحالية تجاه القطاع، مستغلا البيئة الفلسطينية والبيئة الداخلية، أو تسويغ المزيد من الاعتداءات والحروب على القطاع بإسناد علني من البيئة الإقليمية.




- انشر الخبر -